Wednesday, October 24, 2012

محمد فوزي.. الفنان والاقتصادي

 "كتب رسالة إلى جمهوره قبل وفاته: "الموت علينا حق

محمد فوزى فنان بدرجة اقتصادي فقدناه للأبد 


ولد في 28 أغسطس 1918 وتوفي في 20 أكتوبر 1966

 
•المطرب الأخف دمًا فى تاريخ السينما المصرية
•أول من غنى للأطفال
•أسَّس أول مصنع لإنتاج الأسطوانات الموسيقية فى الشرق الأوسط
•أمَّمه "عبدالناصر" عام 1961 وعيّنه مديرًا للمصنع بـ 100 جنيه


نقلاً عن موقع صدى البلد الإخباري

ربما يكون من أهم مطربى الأغنية المصرية الخفيفة إطلاقاً، ولعله أول من غنى لأعياد الميلاد وللأطفال، ولأول أغنية دون موسيقى مُصاحبة ، ويرجح أنه المطرب الأخف دمًا فى تاريخ السينما المصرية، أما حياته الشخصية فمن المحتمل أن تكون الأكثر إثارة لاهتمام أهل النميمة، ولكن محمد فوزى سيكون حتماً واحدًا من أهم الشخصيات المؤثرة فنياً فى العالم العربى، كمطرب ومحلن، وممثل، ومنتج وإنسان أيضاً.

لم يكن قدوم محمد فوزى من طنطا إلى القاهرة فى اواخر الثلاثينيات أشبه بقدوم ريفى ساذج يحمل قدراً من الموهبة فى الغناء، متمنياً لفت الانتباه ولو لفترة قصيرة من الوقت، فلقد كان فوزى مهموماً بأن يكون طيلة الوقت متورطاًَ فى "مشروع" فنى تتضح معالمه رودياً مع كل خظوة جديدة فى حياته، بداية من تطوير العديد من القوالب الغنائية التقليدية بالأغنية المصرية، و ذلك بطابع خاص ومختلف تماماً عن مشروعات عبد الوهاب، و القصبجى الحثيثة فى هذا المجال،

مروراً بتجربته السينمائية التى لا تزال هى الأنضج بين كل مطربى السينما حتى الآن، ثم تأسيسه لشركة الإنتاج السينمائى أسهمت فى خروج ثانى فيلم مصرى ملون إلى النور جعلت من مشروعه السينمائى مكتملاً فى خطوة لم يقدم عليها أبناء السينما المنتمون إليها لعقود عدة. ليتبقى أمام فوزى الحلم الأكبر الذى لازمه منذ بداياته الفنية الأولى، و هو إنشاء مصنع اسطوانات مصرى فى واحدة من اهم الخطوات الاستقلالية لفنان مصرى خلال تلك الفترة.

كل ما كان ينتظره فوزى هى اللحظة المناسبة لإطلاق مشروعه الكبير، تماماً مثل حبيب ينتظر التوقيت المناسب لإهداء محبوبته هديتها الذهبية، و كان له ما أراد عام 1958، بإلإقدام على تأسيس "مصرفون"، أول مصنع لإنتاج الاسطوانات فى الشرق الأوسط، و برأس مال مصرى، فيما اعتبر كسراً حاسماً لسوق أحتكرته الشركات الأجنبية بالكامل، و الذى كان قفزة نوعية ليس فقط على المستوى الفنى او التقنى، ولكن أيضاً على المستوى الإقتصادى، موفراً حجم كبير من العملة الصعبة كانت تدفع سنوياً لصالح الشركات الأجنبية، بل و محققاً لمعادلة صعبة كانت مستحيلة آنذاك و ذلك بإنتاج اسطوانة ثمنها 35 قرشاً غير قابلة للكسر، و تحمل أكثر من أغنية، و هو ما كان يعتبر ضربة موجعة للإسطوانات الأجنبية بثمنها الذى يصل إلى 90 قرشاً قابلة للكسر، ولا تحمل سوى أغنية وحيدة!!

ولعل فوزى راهن بالكثير من أجل تثبيت هذا المشروع الطموح على قدميه خلال سنواته الأولى، مقرراً إعتزال التمثيل فى وقت مبكر حتى يتسنى له التفرغ تماماً لإدارة المشروع، على أمل التوسع فى إنتاج شركته التى كانت تحظى بسمعة ذهبية فى مصر و الشرق الأوسط، خاصة فى ظل تميزها بإنتاج أفضل ما انتجته فترة اواخر الخمسينات من حصاد غنائى برفقة أصوات مثل أم كلثوم و نجاة الصغيرة و محمد فوزى بطبيعة الحال.

إلا أن مشروع فوزى الخاص كفنان وإقتصادى أيضاً كان بالحجم و التفرد الذى دفع الحكومة المصرية إلى تأميمه عام 1961، فى الوقت الذى تم فيه تعيين فوزى مديراً للمصنع فقط براتب شهرى قدره 100 جنيه، لتجلس أحلامه كلها حلمه خلف مكتب ادارى، فى مبرر منطقى للأوجاع النفسية و الجسدية التى تفاقمت إلى مرض سرطان العظام الذى أمتص جسده إلى أن وصل وزنه إلى 35 كليو جرام فقط، حتى يوم وفاته فى 20 أكتوبر من عام 1966.

يوم 28 أغسطس 1918 ولد محمد فوزى ابن عبدالعال الحو فى قرية كفر أبو جندى بمدينة طنطا بمحافظة الغربي 1931 نال محمد فوزى شهادته الإبتدائية من مدرسة طنطا الإبتدائية، و كان قد تعلم فى ذلك الوقت أصول الموسيقى و قواعدها و كتابة النوتة الموسيقية على يد عسكرى المطافئ محمد الخربتلى، الذى كان يصحبه معه للغناء فى الموالد فى 1938.

سافر فوزى من طنطا إلى القاهرة وحده بعد أن رفض والده إتجاهه للفن ، واضطربت حياته لفترة ليضطر للعمل فى فرقة بديعة مصابنى ثم فرقة فاطمة رشدى، قبل أن يلتحق بالفرقة القومية "المسرح القومى حالياً عام 1943تزوج محمد فوزى من زوجته الأولى هداية، و التى أنجب منها ثلاثة أبناء نبيل و سمير ومنير ، و استمر زواجهما طوال مدة 9 سنوات ، و قد إنفصلا بعد زواجه من مديحة يسرى.

وفي 1944 أنجب فوزى إبنه الأول مهندس الإلكترونيات نبيل دخل فوزى فى مجال السينما من خلال دور ثانوى فى فيلم "سيف الجلاد"، الذى رشحه له عميد المسرح العربى يوسف وهبى بعد أن رآه فى أحد عروض المسرح القومى و أعجب بموهبته وفى 1945كانت بداية التعارف بين محمد فوزى و مديحة يسرى أثناء مشاركتهما فى فيلمه الثانى "قبلة فى لبنان"، و الذى ظهر فيه فوزى فى دور ثانى.

أما في 1946 ولد ثانى أبناؤه المهندس سمير من زوجته الأولى هداية وفى 1946قام بأول بطولة سينمائية له فى ثالث أفلامه "أصحاب السعادة" برفقة المطربة نور الهدى مع المخرج أحمد بدرخان.

وفي 1948 ولد إبنه الثالث الدكتور منير، و الذى يعد "وش السعد" على فوزى، حيث مثل فى هذه السنة 5 أفلام متتالية جعلته يجلس على عرش ملك أغانى السينما و الإستعراض جنباً إلى جنب فريد الأطرش.

كما قدم في 1948 أول أغنية رمضانية فى السينما المصرية من خلال فيلم "بنت حظ"، حيث كانت الأغنية فى هذا الفيلم هى الأولى عن المسحراتى.وقدم أول أغنية عن الحج فى السينما المصرية فى فيلم "حب و جنون" ، و كانت كلماتها "ياللى زرت البيت .. و من زمزم اتوضيت .. وعلى النبى صليت".

وفي 1951 أنتج فوزى ثانى الأفلام المصرية الملونة "الحب فى خطر" الذى ظهر به جزء بالألوان و شاركته البطولة صباح و إسماعيل ياسين و من أخراج حلمى رفلةـ وفي نفس العام أنتج فوزى فى هذه السنة ثانى أفلامه الملونة وهو فيلم "نهاية قصة" و قام ببطولته مع مديحة يسرى و إخراج صديقه حلمى رفله، فيما سعتبر إنه الفيلم الذى شهد ميلاد قصة الحب الشهيرة بين فوزى و مديحة يسرى، وفي نفس العام قدم أول أغنية لعيد الميلاد فى السينما المصرية فى فيلم "نهاية قصة" التى غناها لزوجته مديحة يسرى "يا نور جديد فى عيد سعيد .. ده عيد ميلادك أحلى عيد".

أما في عام 1952 تزوج فوزى من زوجته الثانية الفنانة مديحة يسرى و هو الزواج الذى أستمر لتسع سنوات شهدت ميلاد طفلهما عمرو عام 1955.، وفي 1954 أنتج فوزى لأخته هدى سلطان فيلماً واحداً هو "فتوات الحسينية" و الذى شاركها البطولة زوجها فريد شوقى و أخرجه نيازى مصطفى.

وقدم فوزي 1956 فيلم "معجزة السماء" أغنية "كلمنى طمنى" و التى قام بغنائها بدون فرقة موسيقية مكتفياً بصوت الكورال من خلفه ، و كانت هذه هى المرة الأولى التى يغنى فيها مطرب بدون فرقة موسيقية فى مصر، وفي نفس العام قدم أول أغنية للأطفال فى العالم العربى "ذهب الليل طلع الفجر" من تأليف الشاعر حسين السيد.

وبعدها بعامين "1958" أسس محمد فوزى أول مصنع إسطوانات فى الشرق الأوسط برأس مال مصرى و أطلق عليه "مصرفون"ـ وانفصل في عام 1959 عن الفنانة مديحة يسرى، فى الوقت الذى استمرت فيه صداقتهما حتى يوم مماته، وفي نفس العام قدم آخر أفلامه "ليلى بنت الشاطئ" و الذى شاركته البطولة ليلى فوزى مع المطربة فايزة أحمد و من إخراج حسين فوزى.

ثم تزوج فوزي في 1959 من ثالث زوجاته كريمة الملقبة ب "فاتنة المعادى" و التى وقفت بجانبه إلى آخر لحظة فى حياته وقامت الحكومة المصرية بتأميم شركته "مصرفون" في 1961، ليتحول فوزى إلى مجرد مدير للمصنع بمرتب 100 جنيه شهرياً ، فيما أعتبر أيضاً إنها الضربة القاضية التى أمتدت اضرارها إلى حياته وصحته، فى رحلة ليست بالقصيرة من المرض.

وفي 1966 كان أخر ما بدأ فوزى فى تلحينه هو لحن أغنية "صعبان على" التى كتبها المؤلف عبد الفتاح مصطفى ليتم إعدادها لأم كلثوم ، لكنه توفى قبل أن يتمكن من أن ينهي اللحن، وتوفي يوم 20 أكتوبر من نفس العام بعد أن إشتد عليه المرض، الذى كان من الصعب على الأطباء أن يكتشفوه و ظل يحمل إسمه "مرض محمد فوزى" ، إلى أن تم إكتشاف أنه سرطان العظام.

ومن أشهر أقوال فوزى " إن الموت علينا حق .. فإذا لم نمت اليوم سنموت غداً .. و أحمد الله أننى مؤمن بربى فلا أخاف الموت الذى قد يريحنى من هذه الآلام التى أعانيها فإذا مت أموت قرير العين .. فقد أديت واجبى نحو بلدى و كنت أتمنى أن أؤدى الكثير .. و لكن إرادة الله فوق كل إرادة و الأعمار بيد الله .. لن يطيلها الطب .. ولكنى لجأت إلى الطب حتى لا أكون مقصراً فى حق نفسى و فى حق مستقبل أولادى .. تحياتى إلى كل إنسان أحبنى و رفع يده إلى السماء من أجلى .. تحياتى لكل طفل أسعدته ألحانى .. تحياتى لبلدى .. وأخيراً تحياتى لأولادى و أسرتى". و كانت هذه آخر رسالة من محمد فوزى إلى جمهوره قبل وفاته و قد أرسلها فى منتصف شهر أكتوبر عام 1966.