Wednesday, August 6, 2008

حزب العدالة.. وتنمية تركيا

عقول وطنية قرأت التاريخ فحاكت ثوباً

جديداً لمستقبل بلادها.. رغم التحديات

الرئيس عبدالله جول
رئيس الوزراء رجب أوردغان


مبروك لحزب "العدالة والتنمية".. فلا يصح إلا الصحيح

انتصار للديمقراطية التركية" هكذا وصف وزير العمل التركي فاروق جليك قرار المحكمة الدستورية العليا بِرَفْضِ حَظْرِ حِزْبِ العدالة والتنمية الحاكم، على إثر اتهاماتٍ له بتقويض أركان العلمانية في تركيا، والسَّعْيِ خِفْيَةً لإقامة دولة إسلامية. حقيقةً لم يكن هذا نصرًا للديمقراطية التركية فقط، بل كان نصرًا للبرنامج السياسي لحزب العدالة والتنمية، وخُطَطِهِ التنموية في البلاد، وطريقة إدارته للصراع مع العلمانيين، ونهجه الذي انتهجه منذ البداية، وقناعته بأنّ الصبر يُوصِلُ إلى المراد، وإن طال الطريق.نعم، يراه المراقبون نصرًا رغم توجيه إنذار للحزب، وحرمانه من مساعدات الخزانة بنسبة النصف، ورغم الخوف الكبير الذي كان سمةً غالبةً على أعضاء الحزب ومؤيديه خلال الأيام القليلة التي سبقت النطق بالحكم.وربما اختلطت مشاعر البعض؛ أيفرح من أجل نجاة الحزب من الحظر؟ أم يحزن بسبب الإنذار ، والمساعدات التي حرم منها الحزب ؟ خاصةً بعد وصف رئيس المحكمة العقوبات الاقتصادية التي فُرِضَتْ على الحزب بأنها "تحذيرات جدية"، ينبغي على الحزبِ أَخْذُ ما ترمي إليه في الحسبان.لكن بالطبع يبقى الشعور بالرضا هو الغالبَ في هذا السياق، نظرًا للتداعيات الخطيرة على كل المستويات، خاصةً السياسية والاقتصادية، لو أقَرَّت المحكمة الدستورية حظر الحزب، وتوقيف رموزه السياسيين
ترحيب دولي
وكالة أنباء "الأناضول" نقلتْ على الفور ترحيبَ الاتحاد الأوروبي بقرار المحكمة بِرَفْضِ غلق الحزب الحاكم، ودعوته البلادَ إلى استئناف عملية تحديث تركيا، مواصلةً لجهود الانضمام للاتحاد. كما نقلت مجلة "فوربس" الأمريكية عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي لشئون السياسة الخارجية والأمن خافيير سولانا، أمله في أن يعيد هذا القرار الاستقرار للبلاد. جاء ذلك في تصريحات على لسان كريستينا جالاتش المتحدثة باسم سولانا، التي وصفت "الأخبار الجيدة". وأشاد رئيس الجمعية البرلمانية في مجلس أوروبا لويس ماريا دي بويغ بقرار المحكمة التركية، مُعَبِّرًا في الوقت نفسه عن أسفه لحرمان الحزب جزئيًّا من المساعدات العامة. فيما اعتبر ت الجمعية حرمان الحزب من المساعدات الحكومية بأنه " عنصرٌ تمييزيٌّ إزاء حزب يلعب دورًا رئيسيًّا في الحياة السياسية التركية
إنقاذ الاقتصاد
ونقلت شبكة "بلومبرج" الأمريكية توقعاتِ الخبراء بحدوث انتعاشة اقتصادية في سوق السَّنَداتِ التركية بعد نجاة حزب العدالة والتنمية من الحظر.تولجا إديز، خبير اقتصادي يعمل في شركة ليهمان برازرز في لندن، أكَّدَ أن أي قرار ضد الحزب الحاكم من شأنه "إحداث تغييرات خطيرة في أسعار الأصول"، وتوقّع أن يؤثر ذلك على النمو الاقتصادي في تركيا.ويؤكد المراقبون أنّ القضية أسهمت في تراجع مؤشر الأسهم الرئيسي في اسطنبول أكثر من 4%، وارتفاع عائدات السندات، وضعف الليرة التركية؛ نتيجةَ ما أفرزه هذا التوتر من قلق في الداخل والخارج.وكان أردوجان قد أعلن في الثاني والعشرين من يوليو أنّ حكومته تسعى بِجِدِّية للضغط باتجاه فوز البلاد بعضوية الاتحاد الأوروبي، استكمالًا لمسيرة المفاوضات التي بدأت منذ العام 2005. كما تشير الإحصائيات إلى نموٍّ كبيرٍ في الاقتصاد التركي منذ وصول أردوجان إلى السلطة في العام 2002. هذه الجهود كلها كانت في مهب الريح، فأجندة الحزب كاملةً كانت عُرْضَةً للضياع في حال صدور قرار بالإغلاق، أما اقتصاد البلاد، الذي يبلغ 660 ألف مليار دولار، فكان على شفا الهاوية، لكن قرار المحكمة الدستورية العليا أبعد عنه شبح الخطر، ولو قليلا

مكر الليل والنهار
وقد جاء هذا الحكم بعد سلسلةٍ من المواجهات بين الحزب ذي الجذور الإسلامية، والنخب العلمانية في تركيا، خرجت خلالها العديد من المظاهرات المنددة بالحزب الحاكم.وقد أثارت محاولات الحزب برفع الحظر عن ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات التركية الكثيرَ من الجدل، الذي انتهى الشهر الماضي بقرار المحكمة الدستورية برفض رفع الحظر عن الحجاب، باعتباره يُمَثِّل انتهاكًا للدستور العلماني في البلاد!ومنذ ستينيات القرن الماضي، تم إغلاق قرابة 20 حزبًا-معظمها له جذور إسلامية-بقرارات قضائية بتهمة تمثيل تهديد المبادئ العلمانية.ويعتبر الجيش نفسَه الضامنَ الأولَ للدولة العلمانية في تركيا، وفي سبيل المحافظة على هذه المبادئ أطاح بأربع حكومات في الأعوام الخمسين الماضية، أحدثها حكومةٌ ذات توجه إسلامي سابقةٌ لحكومة حزب العدالة والتنمية عام 1997.كما يعتبر هذا الحكم ضربةً لجهود العلمانيين الذين بذلوا الكثير من أجل تخويف الشعب التركي من حزب العدالة والتنمية، كالتحذيرات التي نشرتها جريدة "جمهوريات" (التابعة لتيار مصطفى كمال، والموالية للجيش، وتصدر نحو 75 ألف نسخة) من أنه "في حال صدر حكم البراءة، سيعمد حزب العدالة والتنمية إلى التصفية السياسية للعسكريين، والقضاة والسياسيين الذين عارضوا الحزب الحاكم).إلا أن الموالين للحزب الحاكم لم يكن لهم أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الحملة الشرسة التي تستهدف استئصال شأفة الحزب، فكانوا دائمًا يؤكدون على أنّ "حظر حزب العدالة والتنمية سيُعَدُّ انتهاكًا واضحًا للمعايير التي حدَّدَتْهَا اتفاقية البندقية والاتحاد الأوروبي، كما أنه سيعكس صورةً سيئة عن الديمقراطية في البلاد

تحذيرات
وفي خضم هذه الفرحة العارمة يُحَذِّرُ المراقبون من أن هذه القضية- وإن فشلت في تحقيق أهدافها في حظر الحزب- إلا أن دلالاتها تتعدى مجرد كونها "محاولة فاشلة"، بل ربما تكون قد أدخلت الصراع في تركيا إلى مرحلةٍ جديدة، مختلفة الأدوات، متغيرة القوانين. وهو نفس الأمر الذي كانت ترمي إليه مجلة "تايم" الأمريكية حين نشرت الخبر تحت عنوان (تأجيل إغلاق الحزب الحاكم في تركيا، إلى حين).المجلة لم تعتبر القرار انتصارًا للحزب، بل فرصةً للبقاء على قيد الحياة يومًا آخر، مؤكدةً في الوقت نفسه أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان أضحى في مواجهة ما وصفته بـ "التحدي الأبدي" من أجل استعادة الاستقرار السياسي في بلدٍ "مزَّقَتْهُ الانقسامات الداخلية المريرة بين العلمانيين ومؤيدي الحكومة".ونقلت المجلة عن الدكتور "شاهين الباي"، من جامعة باهجة شهير، قوله: " لقد قررت المحكمة أن تُسَلِّطَ الطريق الوسط؛ وأصدرتْ حكمًا لم يُهِن نصف الشعب التركي، الذي اختار الحكومة، وفي الوقت نفسه لم يخيبْ آمال أطيافٍ في المجتمع لها تحفظاتها على حزب العدالة والتنمية".أما صحيفة "ذا جارديان" البريطانية فقالت: إن الحكم أنقذ البلاد من كارثةٍ سياسيةٍ كانت على الأبواب، لكنه في الوقت ذاته أدخلها في دوامة من الشكوك قد يطول أمدها. ورغم ذلك اعتبرت الحكم بمثابة "تمهيدٍ للطريق أمام تهدئةٍ محتملةٍ بين العلمانيين والإسلاميين، وتهدئة للأوضاع السياسية المشتعلة في البلاد، والتي بلغت ذروةَ اشتعالها يوم الأحد المنصرم إثر الانفجار الذي أودى بحياة 16 مواطنًا في اسطنبول، وإعطاء مهلة لأردوجان الذي واجه حظر نشاطه السياسي لمدة خمس سنوات، مع رفيق دربه الرئيس عبد الله جول، و تسعة وستين آخرين من رموز الحزب.والسؤال الأهم الآن، ليس ما مضى، بل ما هو آت! لذا يجب على حزب العدالة والتنمية أن يأخذ الأمور بجدية، ويبحث في كيفية التعامل مع معطيات المرحلة القادمة.وربما تفاجئنا الأيام القادمة بالأعاجيب، في ظل مكر معسكر العلمانيين الذي لا يهدأ آناء الليل وأطراف النهار

أوردغان المعلم
جول القيادي


جول وزوجته "خير النساء


تركيا في شكلها الجديد


اقرؤا التاريخ جيداً



جدير بالذكر أن بعض ما ورد في هذا الموضوع جاء نقلاً عن علاء البشبيشي 31/07/2008

No comments: