Sunday, March 28, 2010

"الحسيني محمد.. مدير تحرير "الحرية


هل من النفاق أن يجامل التلميذ استاذه؟ أظنه لا.. بل من الواجب وهو أصل من أصول الاعتراف بالحق

إنه الحسيني محمد.. هو رجل مصري صميم يعتز بمصريته معلم ومربي رقيق المشاعر مرهف الحس يمتلك من الملكات ما يؤهله أن يكون قدوة للكبير والصغير إذا جلست معه للمرة الأولى أحسست وكأنك تعرفه منذ سنوات ذلك لبساطته في التعامل والحديث، وتواضعه الجم ودماثة أخلاقه.

فرغم الفارق في السن بيني وبين "أبي طارق" غير أنك تشعر وأنت جالس معه كأنه صديقك من نفس سنك دائم الابتسامة، متجرد في نقده للأشخاص والقضايا والأمور والأشياء، لقد عملت في الكويت خلال السنوات الست التي قضيتها في مؤسسات إعلامية مختلفة مقروءة ومسموعه لكني للمرة الأولى التي أتعامل فيها مع مثل هذه الشخصية التي تأسرك منذ الوهلة الأولى فكم تمنيت من الله أن يرزقني شخصاً مثله يكون لي أستاذاً وقدوة فقد كانت مشكلتي في ميدان الإعلام أني أعيش بلا قدوة وهذا أخطر شيء أن تعيش بلا استاذ ومعلم تأخذ عنه مواقفه وأفعاله قبل علمه وكلامه.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
من مقالاته
حتى لا نفاجأ بأحمد عز مفتياً للجمهورية أو علي الدين هلال شيخاً للأزهر

بقلم أ/ الحسيني محمد
جريدة "الحرية" الكويتية
:رحم الله أمير الشعر والشعراء الذي قال يوماً عن الأزهر

قم في فم الدنيا وحيّ الازهرا وانثر على سمع الزمان الجوهرا
واذكره بعد المسجدين معظما لمساجد الله الثلاثة مكبرا
واخشع مليا واقض حق أئمة طلعوا به زهرا وماجوا أبحرا
كانوا أجل من الملوك جلالة وأعز سلطانا وأفخم مظهرا
من كل بحر في الشريعة زاخرٍ ويريكه الخلق العظيم غضنفرا
يا معهدا أفنى القرون جدارُه وطوى الليالي ركُنه والأعصرا
ومشى على يبس المشارق نورُه وأضاء أبيضَ لجها والأحمرا
وأتى الزمان عليه يحمي سنةً ويذود عن نسكٍ ويمنع مشعرا
الصارخون اذا أسيء إلى الحمى والزائرون إذا أغير على الشرى
لا الجاهلون العاجزون ولا الأُلى يمشون في ذهب القيود تبخترا


وقد كتبنا وكتب غيرنا خلال الأيام الماضية نطالب فضيلة شيخ الأزهر الجديد د.أحمد الطيب بأن يتخلى عن موقعه في المكتب السياسي للحزب الوطني، ويوم الخميس الماضي بشرتنا جريدة «الدستور» المصرية على لسان مصادرها بأن د. الطيب سيتخذ قرار «التخلي» بالفعل عقب عودة الرئيس مبارك - شفاه الله وعافاه - والذي عاد بالفعل أمس من رحلة العلاج في ألمانيا، فيما أكدت «الأهرام» الخبر في اليوم التالي (الجمعة).
واذا كان الشيخ ينوي الاستقالة من الحزب بالفعل، فعلام التباطؤ والتأخير، وفيم الحرج من قرار لا يملكه سواه، او بمعنى آخر فإنه يفترض انه لا يملك سواه، أي انه ليس له خيار آخر، وليس له ان يجمع بين موقعين بينهما «بعد المشرقين»، وهما ضدان لا يجتمعان، ولابد ان «يرتفع» احدهما
ومن نكد الدنيا علينا في هذا الزمان ان نضطر الى مناقشة بدهيات هي كنور الشمس لا تحتاج الى دليل، لكن لا بأس ان نعود ونذكر، لعل الذكرى تنفع المؤمنين، ونعرض هنا للأسباب الموجبة لاستقالة الشيخ الطيب الفورية من المكتب السياسي للحزب الوطني، او عزله من مشيخة الأزهر، اذا اصر على الاحتفاظ بموقعه في الحزب، رغم ما أشرنا إليه عن قرب استقالته
أولاً: تجنب التداخل بين الدين والسياسة.. ونعتقد انه بعد عقود من الزمن يتم خلالها إقصاء العديد من القوى السياسية التي ترفع شعارات دينية، او تجعل الإسلام مرجعية لها، الى حد رفض اشهار حزب يؤكد للجميع انه «ليبرالي» بمرجعية اسلامية كحزب «الوسط»، بعد ذلك يأتون بعضو في المكتب السياسي للحزب الحاكم وينصبونه شيخاً للأزهر، ليؤكدوا ان عمليات الاقصاء والتهميش التي تجري بقوة للاخوان المسلمين وغيرهم، ليست لوجه الله او لوجه الوطن بأي حال، وإلا فهل هناك تداخل بين الدين والسياسة اكثر مما فعلوه؟!.
يزيد من خطورة وفداحة هذا التداخل اننا مقبلون على استحقاقات سياسية بالغة الدقة والحساسية، فهناك انتخابات مجلس الشورى الشهر المقبل، وانتخابات مجلس الشعب في اكتوبر من العام الحالي، اضافة الى الاستحقاق الاهم والابرز وهو الانتخابات الرئاسية في نوفمبر من العام المقبل.. ونعلم ان لشيخ الازهر تأثيراً كبيراً في مجريات الاحداث بمصر، كما ان موقعه كرئيس لمجمع البحوث الاسلامية - بحكم منصبه الاصلي - يحتم عليه ان يبدي رأياً في كل القضايا المؤثرة التي تمر بها البلاد، وهو ما يفرض دون شك ان يكون الشيخ متجرداً من الانحياز الى اي فئة.
ثانياً: هناك قواعد شرعية وفقهية، سيكون من الوقاحة وقلة الذوق ان نحدث الشيخ الإمام عنها، وهو الذي يدرسها لنا ويعلمنا إياها، لكننا كما قلنا نذكر بها، ونذكره لأن يعود الى تعليمنا هذه القواعد، ومن ابرزها وأهمها أن «الضرر يزال»، وأن «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، وهل هناك «ضرر» و«مفسدة» أكبر من ان ينتسب شيخ الازهر الى حزب سياسي، حاكماً كان او معارضاً؟! من هنا فإن ما ذكره د. الطيب في احاديثه الصحافية والتلفزيونية من انه يريد ان ينفع الازهر ويفيده من خلال علاقته بالحزب الوطني هو كلام «مأخوذ خيره» - على حد تعبير اخواننا الخليجيين - فالأزهر هو الذي يفيد الآخرين وليس العكس، ثم ان الازهر في النهاية مؤسسة مصرية، او هو اعرق مؤسسة مصرية، ودعمها واجب وطني على كل مسؤول - صغيراً كان أو كبيراً - بل على كل مصري، والتخلي عن هذا الدعم، مهما كانت طبيعة العلاقة بين الأزهر والحكومة، هو تخاذل يستحق صاحبه المحاسبة والمحاكمة.. واذا كنا نتحدث عن «القوة الناعمة» لمصر في محيطها العربي والإسلامي، والتي يعنون بها الثقافة والفكر والفن وما يماثلها، فإن الازهر هو «ذروة سنام» هذه القوة، ودعمه التام ليس خياراً لأي نظام او حكومة، وانما هو جزء رئيسي من مهام هذا النظام او تلك الحكومة، ومن دونهما يفقدان الكثير من مشروعيتهما.
ثالثاً: ان شيخ الازهر يمثل مصر في العالم الاسلامي والعالم كله.. ولسنا ندري حين يذهب الى اي دولة او مؤتمر اقليمي او دولي، ألن ترافقه صفته كعضو بارز في الحزب الحاكم، وهل سيكون من اللائق ان يواجه الشيخ في كل مناسبة بالتساؤل عن منطقية هذه الازدواجية؟
رابعاً: إننا مأمورون شرعاً بـ «اتقاء الشبهات»، وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم ان «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه»، وإذا كان الانتساب الى أي حزب سياسي بالنسبة للعالم او الداعية «شبهة»، فإن الانتساب الى حزب حاكم هو شبهة أكبر، فما بالك اذا كان هذا الحزب هو «الحزب الوطني الحاكم» الذي ينبغي ان يبرأ د. الطيب من فترة انتسابه إليه ويستغفر الله عنها، ويعاهده ألا يعود إلى هذا «الذنب» أبداً؟!
خامساً: يفترض ان شيخ الأزهر قدوة للآخرين في احترام جلال المنصب والحفاظ على هيبته، وينبغي الا ننسى ان موقعه يجعله «أسوة» ايضاً لكل طلبة جامعة الازهر، في اهمية عناية اسم الازهر من ان تلحق به أية سوءة، او يلطخ سمعته شيء.
سادساً: إن القانون يفرض على عضو البرلمان في كثير من الدول - واعتقد من بينها مصر - ان يتخلى عن كل ارتباطاته الوظيفية او التجارية ويتفرغ تماماً لعمله التشريعي والرقابي، فهل موقع امام الأزهر اقل اهمية من موقع عضو البرلمان؟
سابعاً: لقد كان من أهم ما أخذ على شيخ الأزهر الراحل - رحمه الله - انه ادخل نفسه ومؤسسته في «دهاليز» لا تليق به ولا بالأزهر، وبدلاً من ان يكون هو محط آمال المسلمين في مصر والعالم، فقد تحول - تقريبا -إلى «خصم» لهؤلاء المسلمين، وانفض الناس عنه وعن فتاواه وآرائه لأنهم رأوا فيها ابتعاداً شديداً عن «الأمانة العلمية»، واقتراباً كاملاً او شبه كامل من ارضاء السلطة.. الاخطر من ذلك كله انه بدلاً من ان يقصد الناس الشيخ الامام لالتماس رأيه في القضايا العامة والملمات - وما أكثرها - فإنه تم تجنيد الازهر للدفاع عن شيخه احياناً او لتصحيح مواقفه وآرائه او تبريرها أو «إعادة صياغتها» أحيانا أخرى، ففقد المنصب بذلك هيبته وبهاءه، ويا لها من هيبة، ويا له من بهاء، لو أخذ المنصب بحقه، وأدى من تولاه ما عليه من أمانة وواجبات نحو دينه ووطنه وأمته.
لكن لماذا نعاود الحديث في هذا الموضوع، وقد بات د. أحمد الطيب في حكم المستقيل من الحزب الوطني، طبقاً لما عرفناه أخيراً؟
لسبب واحد هو أن نطالب بتشريع يمنع انتماء شيخ الأزهر الى اي حزب من الاحزاب، حتى لا نفاجأ يوماً بتولي أحمد
!عز منصب مفتي الجمهورية، أو نفاجأ بالدكتور علي الدين هلال شيخاً للأزهر

No comments: