Sunday, February 10, 2008

أطفال الشوارع.. "جعلوني مجرما"

هؤلاء مسؤولية من


هذه مجموعة من أعمالي الصحفية التي قمت بها مؤخر ونشرت في جريدة "أوان" وهي جريدة كويتية يومية


شعار دور الأحداث يتغير من (جعلوني مجرماً) إلى أعادوا لي إنسانيتي
كتب/ أسامة ابوالخير
«جعلوني مجرما..!» كان شعارا لدور الأحداث في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وعنوانا لفيلم عربي كان بطله الفنان الراحل فريد شوقي، وفي بداية الألفية الثالثة بُدّل هذا الشعار في دار الأحداث في الكويت إلى «إصلاح.. وتأهيل» رغم بعض التجاوزات التي تصدر عن بعض الأحداث خصوصا الفتيات منهم.
في طريقنا إلى دور الأحداث كان يجب أن نتحرك خطوة خطوة لأن الوصول إليها لم يكن أمرا هينا..، لكن بمجرد أن استقر بنا المطاف تحطم كل ادعاء مفترى يقول «جعلوني مجرما..!»
في دار الأحداث تسقط كل سابقة حتى لو كانت الجريمة قتلا مع سبق الإصرار، مادام مرتكب الجريمة لا يزال حدثا دون الثامنة عشرة من عمره.. هكذا يؤكد مدير إدارة رعاية الأحداث عبد اللطيف سنان في حديثه لـ «أوان»، موضحا أن قانون الأحداث حدد الحدث بأنه كل من لم يكمل الثامنة عشرة من عمره سواء كان ذكرا أم أنثى، ولم يخف السنان أن دور الرعاية الاجتماعية استقبلت خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي من العام الحالي 267 حدثا، معتبرا هذا العدد هو الأقل مقارنة بإحصائية شهر أغسطس (آب) من ذات العام، والتي سجلت استقبال 277 حدثا، وأرجع السنان ذلك إلى الرعاية الجيدة التي يلقاها النزلاء في دور الرعاية من خلال الارتقاء بالعمل الفني وتوجيه النزلاء وتحسن ظروف الإيواء بدور الرعاية الاجتماعية.
«أوان» سلطت الضوء على هذه القضية الأمنية الاجتماعية وتناولتها من عدة زوايا.
وضعت الأمم المتحدة قواعد بشأن حماية الأحداث تهدف إلى إرساء حد أدنى من المعايير لحماية الأحداث المجردين من حريتهم، بأي شكل من الأشكال، وفقا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، توخيا لمجابهة الآثار الضارة لكل أنواع الاحتجاز ولتعزيز الاندماج في المجتمع.
وشددت هذه القواعد على أن تؤمن السلطة المختصة حماية الحقوق الفردية للأحداث، مع إيلاء اعتبار خاص لقانونية تنفيذ تدابير الاحتجاز، على أن تؤمن أهداف الاندماج الاجتماعي بعمليات تفتيش منتظمة ووسائل مراقبة أخرى تضطلع بها، وفقا للمعايير الدولية والقوانين والأنظمة الوطنية.
ومن الأمور التي انتبهت إليها قواعد الأمم المتحدة في شأن الأحداث المقبوض عليهم أو الذين ينتظرون المحاكمة، أنهم أبرياء ويحاكمون على هذا الأساس، ويتجنب ما أمكن، احتجازهم قبل المحاكمة، ويقصر ذلك على الظروف الاستثنائية.
وفي حال استخدم الاحتجاز الوقائي، تعطى محاكم الأحداث وهيئات التحقيق أولوية عليا للتعجيل إلى أقصى حد بالبت في هذه القضايا لضمان أقصر فترة ممكنة للاحتجاز. كما دعت هيئة الأمم المتحدة إلى الفصل بين الأحداث المحتجزين الذين لم يحاكموا، والذين أدينوا.
وخلصت بتشديدها في القواعد المشار إليها على أنه لا يستقبل أي حدث في مؤسسة احتجازية دون أمر احتجاز صحيح صادر من سلطة قضائية أو إدارية أو أي سلطة عامة أخرى. وتدون تفاصيل هذا الأمر في السجل فورا. ولا يحتجز حدث في أي مؤسسة أو مرفق ليس فيه مثل هذا السجل، هنا انتهت قواعد الأمم المتحدة.
ماذا يقول القانون؟
من الناحية القانونية صنف الأحداث إلى نوعين، الحدث المنحرف، وهو الذي أتم السابعة عشرة من عمره وقد ارتكب جرما يخالف القانون، والنوع الثاني وهو الحدث المعرض للانحراف، وهو من أتم العاشرة ودون الثامنة عشرة ومعرض للانحراف رغم أنه لم يرتكب فعلا يخالف القانون ولكن ضبط في حالة اجتماعية سيئة كالتسول أو ممارسة أعمال تنافي الأخلاق، كأن يعمل أعمالا تتعلق بالمقامرة والسكر والانحراف الخلقي، كمخالطة المشردين، أو اعتاد الهروب من بيته أو المدرسة، وكذلك إذا وجد في حال لا تصلح للعيش، بمعنى أن الحدث يقيم من دون عائل مؤتمن عليه أو لم يكن له مكان إقامة يؤويه وهو بالتالي يبيت في أماكن لا تصلح للإقامة، هؤلاء جميعا هم معرضون للانحراف وترعاهم إدارة رعاية الأحداث.
الصنف الأول من الأحداث الذي ذكرناه، هم الأحداث المنحرفون وتتولاهم دار الملاحظة الاجتماعية، وهذه الدار تختص بإيواء الأحداث الذين تأمر نيابة الأحداث بالتحفظ عليهم على ذمة «الحبس الاحتياطي»، وهم موقوفون على ذمة قضية، أما المنحرفون الصادرة في حقهم أحكام فهناك حكمان، الأول حكم إيداع تتولاه دار الرعاية الاجتماعية للفتيان ويودع بها إلى حين يَعدُل الحدث عن سلوكه، هناك أيضا دار التقويم الاجتماعي والتي تختص برعاية الأحداث المنحرفين. والذين تصدر فيهم محكمة الأحداث أحكاما بالحبس لمدد زمنية محددة قد تكون عامين أو ثلاثة وقد تصل إلى ثلاثة أشهر.
قانون الأحداث في المادة رقم 3 لسنة 1983 تنص على أن تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات إذا استعمل الجاني مع الحدث وسائل إكراه أو تهديد أو كان من أصوله أو من المتولين تربيته أو رعايته أو كان ممن لهم سلطة عليه أو كان الحدث مسلما إليه بمقتضى القانون.
وتضم أيضا إدارة رعاية الأحداث دار الضيافة الاجتماعية، وهذه الدار تتولى المعرضين للانحراف، وهم يحولون عن طريق شرطة الأحداث أو ولي الأمر أو أن يتقدم الحدث بنفسه، ولا يقبل الحدث في دار الضيافة الاجتماعية إلا بعد دراسة ظروفه دراسة وافية، كذلك كل ما ورد ينطبق على الأحداث من الفتيات.
ومهما ارتكب الحدث من جرم وقضايا فإن المخفر ليس مخولا بأن ينظر فيها، ولكنه يحول القضية إلى شرطة الأحداث التابعة لوزارة الداخلية والتي تسجل القضية وتجري التحقيقات الأولية ومن ثم تحيلها إلى نيابة الأحداث والتي بدورها تنظر في القضية، فإذا رأت تسريح الحدث على سبيل الكفالة أو بضمان محل إقامته أو أن تأمر النيابة بحبسه احتياطيا للتحفظ عليه لاستكمال الأدلة، وذلك وفق طبيعة كل قضية، وفي هذا الإجراء ترى النيابة حماية للحدث، وكذلك لضمان حسن سير التحقيق.
كما أن هؤلاء يوضعون في دار الملاحظة الاجتماعية، ويجدد حبسهم كل أسبوعين بعرضهم على قاضي التجديد، وفي ذلك فإن الأمر متروك للقاضي في أن يفرج عن الحدث أو تمدد مدة حبسه الاحتياطي لحين صدور الحكم، وقد يصدر الحكم بالبراءة أو الاختبار القضائي وهو ما يعرف بحكم التدبير وهو أن تحدد إقامة الحدث في بيته مثلا لمدة سنة وينفذ الحكم على الحدث وهو مقيم بين أسرته وأهله، وهذا يتطلب مراجعة دور الرعاية عن طريق مكتب المراقبة الاجتماعية مرة كل أسبوعين أو كل شهر ومتابعته كذلك دراسيا.
وفي حال إذا وجد أن الحدث أحواله مستقرة يتم إنهاء هذا التدبير أي الحكم «أما إذا وجد الحدث خارج إدارة رعاية الأحداث مضرا، فلإدارة الأحداث الحق في تعديل الحكم عن طريق مذكرة ترفع إلى نيابة الأحداث في أن تستضيفه الإدارة داخل دور الرعاية، أو أن يصدر ضده حكم إلى حين تعديل السلوك، فيوضع الحدث عندها في دار الرعاية الاجتماعية للفتيان إلى حين تعديل سلوكه.
هذا التدبير(حكم تعديل السلوك) مدته مفتوحة دون أن تحدد، لكنه لا يمنع إطلاق سراح الحدث خلال ثلاثة أشهر من إقامته؛ إذا وجد تعديل في سلوكه للأفضل، هنا ترفع إدارة رعاية الأحداث تقريرا إلى نيابة الأحداث ومن ثم يعرض التقرير على المحكمة ليفرج عن الحدث.
أما إذا اتضح أن سلوك الحدث ـ ذكرا كان أو أنثى ـ خارج وداخل دور الرعاية سيئ وظروفه صعبة فيمكن أن يستمر بقاؤه في دور الرعاية، حتى بلوغه سن الواحدة والعشرين.
بعد هذه السن لا يمكن لدور الرعاية حجز الحدث لديها، وأما إذا صدر في حقه حكم قضائي بالحبس مثلا لمدة ثلاث سنوات فإنه يحال إلى دار التقويم الاجتماعي، وهذه الدار لا يستطيع الحدث البقاء فيها إلى ما بعد سن الثامنة عشرة حيث إنه وبعد هذه السن يرحّل الحدث إلى السجن المركزي ـ مع الكبار.
أسباب انحراف الحدث
وتنقسم أسباب انحراف الأحداث إلى عاملين إما ذاتية أو بيئية، الأسباب الذاتية متعلقة بشخصية الحدث، فهناك أحداث منقادون وآخرون يعشقون حب المغامرة والزعامة أمام أصدقائهم، وهم غير مدركين لنتيجة عملهم وما يترتب عليه.
أما بالنسبة للعوامل البيئية فهي متعلقة بالأسرة، فبعض الأسر تعني ظروفا اقتصادية دون المستوى فيضطر الحدث بسببها إلى اللجوء إلى السرقة كأسلوب يراه حلا في تحقيق وإشباع رغباته، وهناك أيضا ظروف اجتماعية داخل الأسر تتمثل في المشاكل والخلافات وحالات طلاق، وغيرها.
ومن أكثر الأسباب التي يلمسها الأخصائيون الاجتماعيون، والتي تمثل نسبتها 72 في المائة، تعود إلى الوالدين اللذين يعيشان معا وذلك حسب الإحصائيات الموجودة لدى دار الرعاية الاجتماعية ولكن كلا منهما يعيش في معزل عن أبنائه، ولا توجد سلطة ضابطة، إلى جانب عدم الاهتمام بالأبناء بالإضافة إلى الخلافات الموجودة بين الوالدين أمام الأبناء، وهذه الأسباب إن وجدت وجد الانحراف، كذلك المشاجرات الدائمة في البيت والتفريق في المعاملات كل ذلك يؤدي إلى الانحراف.
هؤلاء الأحداث لا يحرمون من أهليهم في حال احتجازهم في الدار، حيث إنهم يتمتعون بزيارات خارجية لذويهم، فخلال مدة الخطة التي توضع للحدث لمراقبة سلوكه وهي ثلاثة أشهر، إذا وجدنا التزاما من الحدث خلال هذه المدة يكافأ الحدث بالمبيت في بيته يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، في خلال هذه الفترة تتم عملية المراقبة والمتابعة للتأكد من التزامه بالبيئة الخارجية وهي الأهم.
وفي حال غياب الحدث غيابا عند خروجه لقضاء عطلتي الخميس والجمعة بين أهله تسجل حالة تغيّب وتخلّف أثناء الزيارة، خصوصا أن الزيارة رسمية فهي تعتمد من نيابة الأحداث، ومن خلال هذه المواقف يراقب سلوكه ومن ثم يمكن الحكم على سلوكه. هناك بعض الأسر تتعاون مع نزلاء، منهم الموجودون داخل مؤسسات رعاية الأحداث وبعض الأسر لا تتعاون لوجود خلافات بين الزوجين، مثلا مطلقان مما يعرض النزيل لإصابته بحالة نفسية سيئة.
الأخصائيون في رعاية الأحداث
الأخصائيات النفسيات لهن دور في مساعدة الحدث (الفتيات) على التكيف النفسي بإيجاد التوازن بين الدوافع والحاجات مع قيم المجتمع وتبصيره بأسباب انحرافه وجوانب القوة والضعف في شخصيته.
لكن الأحداث الذين يوضعون تحت الاختبار القضائي، وهم رهن حكم الاختبار القضائي لأحكام التدبير والتوبيخ، يسلم الواحد منهم إلى ولي أمره ليظل في بيته وتحت رعاية وتوجيه مراقب السلوك، وهو أحد موظفي مكتب المراقبة التابع لإدارة رعاية الأحداث.
في هذه الأثناء إذا ارتكب الحدث جرما فإنه بذلك يعرض نفسه لأحكام الاختبار القضائي، وتنفيذ الحكم يتطلب من الحدث مراجعة إدارة الرعاية مرة كل أسبوع أو أسبوعين، وهو لا يزال حبيس بيته، بحيث يوجهه مراقب السلوك، حتى إن دور مراقب السلوك يستلزم متابعة الحدث دراسيا في المدرسة، وخلال هذه الفترة إذا وجد أن هذا الحكم وهذا التدبير لا يصلح للحدث ترفع مذكرة إلى النيابة ومن ثم المحكمة ليودع الحدث داخل الدار، والعكس كذلك إذا وجد الحدث ملتزما في بيئته الطبيعية وفي دراسته يرفع تقرير إلى النيابة لإنهاء حكم (التدبير).
وبشكل عام الأحكام جميعا حين تأتي من حدث ارتكب ست أو سبع جرائم، وكان عمره دون الثامنة فلا حكم عليه، فالحدث لا تسجل ضده سابقة، مهما عظمت الجريمة التي ارتكبها حتى لو كانت قتلا مع سبق الإصرار، كل ذلك مراعاة لهذه الفئة ولظروفها الخاصة.
ويرتكب بعض الأحداث أكثر من عشرين جرما، وقد يحكم عليه بالحبس، غير أن القانون هنا أباح لإدارة رعاية الأحداث ما يسمى بالإفراج الشرطي (الإفراج المشروط) وهي قضاء نصف مدة العقوبة، كأن يكون حكم على الحدث بالحبس سنتين وبعد سنة وجدت الإدارة انضباطا في سلوكه، حينها ترفع إلى النائب العام تقريرا يطلب فيه إنهاء حبس الحدث حتى يصدر قرارا بقبوله فيكون بذلك تحقق الإفراج الشرطي.
داخل دور الرعاية توجد أنشطة وبرامج لابد أن يلتزم بها الحدث، فعلى سبيل المثال توجد مدارس داخل الدور، وهذه المدارس فقط المباني فيها تكون تابعة لإدارة رعاية الأحداث، أما الهيئة التدريسية والتعليمية وجميع العاملين في هذه المدارس فيتبعون وزارة التربية، وعند انتهاء مدة حبس الحدث يستكمل دراسته العادية في المدارس الحكومية.
صك البراءة..!
ومن الخدمات والأنشطة التي توفرها إدارة رعاية الأحداث الورش المهنية في مختلف التخصصات كالحدادة والنجارة والخراطة وغيرها، لإفراغ الشحنة الزائدة عند هؤلاء الأحداث، كما توجد هناك، أي في دور الرعاية، مراكز القرآن الكريم بالإضافة إلى إدارة تسمى بالتوعية والإرشاد، وتختص هذه الإدارة بالإشراف الديني على المراكز التابعة لوزارة الأوقاف. كل ذلك لسد الفراغ الروحي لدى الحدث ليميز بين الحلال والحرام والخطأ والصواب.
في دور الرعاية يوجد هناك ما يعرف بالزيارات الخارجية إلى مخيمات تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والرحلات إلى أماكن ترفيهية هدفها في ذلك إشراك الحدث في المجتمع لترى ردود أفعاله، وتعديل سلوكه، وفي حال التزامه طوال هذه المدة يمنح الحدث صك البراءة ومن ثم الإفراج.
وحول العقوبات والجزاءات التي توقع على المذنبين من الأحداث داخل دور الرعاية، حسب اللائحة الداخلية لدور الرعاية فقد قضت بأن يتناسب العقاب مع شخصية الحدث وطبيعة الموقف، مع مراعاة حسن اختيار العقاب المؤثر في الحدث على أن يتم تبصير الحدث بأسباب العقاب، ومن أساليب العقاب اللوم والتوبيخ والتأنيب أمام المجموعة، وإذا لم يرتدع ينذر بعدم التكرار ثم يوقع الحدث على إقرار خطي بعدم تكرار الخطأ ثم يحرم من الأشياء المحببة والمفضلة لديه.
التفكك الأسري
من جانبه أكد سعود المطيري أن للأسرة دورا كبيرا جدا في انتشار هذه الظاهرة نظرا لعدم إتباع الأهالي الأساليب التربوية السليمة منذ الطفولة، إلى جانب ضعف الضوابط الأسرية، والتفكك الأسري، كما أشار المطيري إلى أن للمستوى المادي والاجتماعي للأسرة علاقة بتطور ظاهرة الأحداث في المجتمع.
من ناحيته لم يعتبر ناجي البالول أن ظاهرة هروب الفتيات تقليد غربي بل ترجع ظاهرة الهروب للمشاكل داخل الأسرة والتصدع الأسري.
وعن دور المدرسة وعلاقتها بهذه الظاهرة أفاد أنور الرشيدي، بأن دور المدرسة في الأصل تربوي قبل أن يكون تعليميا فحسب، داعيا إلى أن يكون المعلم والمعلمة نموذجا يحتذي به أمام التلاميذ والتلميذات.
وأشار إلى أهمية دور الأخصائي الاجتماعي والنفسي في المدرسة من خلال متابعة الأنماط السلوكية الشاذة داخل المدارس والعمل على الحد من تضخم هذه السلوكيات واستفحالها.
وينتقل للحديث عن الدور الأسري فيقول: «لابد من وجود مكاتب أو مؤسسات أو هيئات للعمل على إقامة دورات للمقبلين على الزواج لإمدادهم بالأساليب التربوية السليمة والمفروض إتباعها داخل الأسرة، والتشديد على ضرورة متابعة المشاكل الأسرية الطارئة حتى لا تعظم وتكون سببا في هدم كيان أسري.
ويستطرد الرشيدي مؤكدا أهمية الرقابة الأسرية داخل البيت من خلال التعرف على البرامج ونوعية الأفلام التي يشاهدها الحدث وأهمية توجيهه والرد على استفساراته، مشيرا إلى أهمية عدم ترك الحدث لأهوائه الخاصة وكذلك الالتفات إلى أهمية ملء الفراغ لدى الحدث بأن يكون رب الأسرة واعظا دينيا لأبنائه.
أما وزنه العنزي فقد أكدت أهمية التوعية الدينية وأثرها الكبير في تجنب المشكلات السلوكية على مختلف أشكالها، داعية إلى أهمية أن يكون لدى الحدث أساس ديني ليجعله مهيئا للاستفادة من البرامج التوعوية والدينية، التي تقدم له.
وفي ذات السياق يتضح لنا أنه لم يكن الدور الذي تقوم به دور الرعاية يقتصر على النواحي الأمنية فقط ولكنه يرتقي إلى كونه أمنيا، اجتماعيا، تربويا، ونفسيا، ويتم ذلك بالتنسيق مع الجهاز الفني العامل في دور الرعاية لتقديم هذه البرامج المعدة خصيصا للحدث بشكل منظم ومدروس علميا بحيث يستفيد الحدث منه.
من السرقة إلى قتل الحيوانات
وعن أبرز التهم التي توجه للحدث يقول مدير إدارة رعاية الأحداث عبدا للطيف السنان: هي السرقة، وسلب الأموال بالقوة وقيادة السيارة من دون رخصة قيادة، المشاجرة وإساءة استعمال الهاتف والضرب والخطف وهتك العرض، والزنا وأغربها (عبدة الشيطان)، مشيرا إلى أنه في السنوات السابقة كان هناك بعض الأحداث الذين يقومون بقتل الحيوانات وتعذيبها وتصويرها.
فتيات يمارسن الرذيلة
وسرد السنان بعض الحالات التي ضبطت فيها أحداث من الفتيات تم اقتيادهن إلى إدارة الرعاية فيقول: ضبطت حالة (فتاة) في أحد المخيمات التي يتم فيها عمل طقوس معينة خاصة (بعبدة الشيطان) وقد تم عزل هذه الفتاة عن باقي الفتيات عند وصولها إلى الدار لحين التأكد من خلوها من الأمراض المعدية أو السارية، مضيفا أنه تم إخضاعها للبحث الاجتماعي من قبل الجهاز الفني وبعد البحث والتحري وجد أن الفتاة ليست من مجموعة عبدة الشيطان ولكنها وجدت في هذا المكان لانقيادها لبعض صديقات السوء، وقد أودعت هذه الفتاة الدار بسبب تكرار هروبها من المنزل وتسجيل قضية تغيب عنها.
ولا يزال الكلام لمدير إدارة رعاية الأحداث «وبمتابعتها من قبل الجهاز الفني تأكد لنا أنها لا تمارس أية طقوس خاصة بهذه الفئة».
ويروي عبد اللطيف السنان لـ «أوان» حالة أخرى كانت بطلتها فتاة (حدثا) وتفاصيل القصة أن هذه الفتاة اعتادت الهروب من المنزل وممارسة الرذيلة مع الشباب حتى تم تسجيل قضية لأحد الشباب حين ضبط وهو يمارس الرذيلة معها مما اضطره إلى الزواج منها، بعدها أنجبا طفلا.
هنا توقف السنان قليلا ليؤكد أن الفتاة نفسها عادت الكرة وسجل في حقها غياب من المنزل وممارسة الرذيلة مع شاب آخر مما دفع الشاب إلى طلاقها، ويضيف السنان أن السيناريو السابق للفتاة تكرر حيث تم ضبطها مع أحد الشباب وتم إيداعها دار الرعاية الاجتماعية للفتيات وتولت الجدة للأم متابعة الطفل الصغير.
ويشير السنان إلى أنه بالبحث عن الحالة الاجتماعية للفتاة تبين أنها كانت ضحية أبوين انفصلا فكان الطلاق سيد الموقف فغابت الرقابة وغاب الضابط فتفككت الأسرة وكان الضحية هم الأبناء، هنا انتهى حديث السنان مع «أوان».
لم يكن مستغربا أن يكون من بين الأحداث فتيات حيث إن إدارة رعاية الأحداث تحرص على تقديم أنواع مختلفة من الرعاية للأحداث سواء الفتيات منهم أو الفتيان وذلك عن طريق جهاز فني متكامل لكل دار من أخصائيات وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين ومشرفين ومشرفات.
سالمه خلوصي تؤيد نشر أخبار الأحداث على صفحات الجرائد ووسائل الإعلام المختلفة «ليكونوا عبرة لغيرهم»، مضيفة بقولها «حتى تكون هذه القصص المأساوية عبرة للجميع كي يتعظوا ويحسنوا من سلوكياتهم الشاذة».
التنشئة الاجتماعية
أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور عويد المشعان يعتبر أن أهم جانب في حياة الحدث هو التنشئة الاجتماعية، مشيرا إلى أن الحدث إذا لم ينشأ على قيم وعادات مجتمعه فإنه معرض للانحراف السلوكي، وقال دكتور المشعان إن ثمة اتجاهات خاطئة في التنشئة يعاني منها الحدث، وتتمثل في القسوة والتدليل الزائد، وكذلك الجفاء، معتبرا أنها كلها سلوكيات تعجل بانحراف الحدث.
ويشير المشعان إلى خطورة مرحلة المراهقة التي تحتاج إلى التوجيه والنصح من قبل الوالدين، محذرا من خطورة أصدقاء السوء حيث يتبنى الحدث سلوكياتهم، ناهيك عن وسائل الإعلام والفضائيات التي هي سلاح ذو حدين.
ولم ينس الدكتور المشعان أن ينبه إلى خطورة الخلط في المبيت بين الأعمار المختلفة لأحداث في غرفة واحدة، داعيا إلى تصنيف الأحداث في دور الرعاية حسب الأعمار والجرائم التي ارتكبوها.
ويشدد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت على أهمية التوعية والبرامج الإيجابية التي تبعد الأحداث عن مخاطر السلوكيات السلبية والأعمال المنافية للأخلاق.
الكويتيون لا يرغبون في العمل!
ما الذي يجعل الكويتيين يعزفون عن العمل مع نزلاء الأحداث؟ هناك عدة أسباب منها طبيعة العمل الصعبة التي تتعامل مع فئة المنحرفين والمعرضين للانحراف لما يبذله العاملون الفنيون من جهد في تغيير سلوكيات الأحداث سواء بالتوجيه النفسي أو الاجتماعي أو الديني وتغيير اتجاهات الأسرة في كيفية التعامل مع الأحداث لما لذلك من تأثير وانعكاس أفضل على المجتمع، كما أن كثرة احتكاك الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والفنيين والمشرفين مع النزلاء يؤدي إلى انتقال الأمراض الجنسية الوبائية إليهم، كذلك فإن الجهد الذي يبذله العاملون الفنيون مع النزلاء يحتاج دائما إلى متابعة يومية خاصة أيام العطل الرسمية وفي المناسبات والأعياد والتي لها تأثير في راحة العاملين، كل هذه الصعاب التي يتعامل معها الجهاز الفني مقابل بدل طبيعة عمل لا تتجاوز الـ 60 دينارا، وهو مبلغ لا يوازي الجهد الكبير الذي يبذلونه مع النزلاء وأسرهم حيث يعتبر تحسين أوضاعهم المادية من المتطلبات الأساسية التي تسعى لها إدارة رعاية الأحداث لاستقطاب خريجي الجامعة والهيئات التطبيقية للعمل بمؤسسات رعاية الأحداث لتحسين أعمالهم وحتى لا يكون العمل بمؤسسات الأحداث عملا طاردا، ولابد من وجود مغريات تحفز على الاستمرار والعطاء والتواصل لمؤسسات رعاية الأحداث.

No comments: