Sunday, February 10, 2008

الذكاء الوجداني

صورة تعبيرية
للإنسان عقلان ...أحدهما مفكر موضوعي والآخر وجداني


يعد مفهوم الذكاء الوجداني مفهوما حديثا جذب انتباه الباحثين في السنوات العشر الماضية... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا يركز عدد كبير من علماء النفس حاليا على الذكاء الوجداني وليس العقلي؟ على الرغم من أهمية الذكاء العقلي في مسائل مهمة مثل التحصيل الدراسي والمواقف التي تحتاج إلى قدرات معرفية معينة، مثل الفهم والإدراك وغيرها... الجواب هو أن ما لاحظه علماء نفسيون أن الذكاء العقلي على الرغم من أهميته وبخاصة في مواقف التحصيل الدراسي ليس كافيا للنجاح في مواقف الحياة المهنية !
«أوان» التقت عددا من الاختصاصيين النفسيين للتعرف على صفات وخصائص العقل الآخر للإنسان أو الذكاء الوجداني وماذا يعني؟ الباحثة في قسم علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية جامعة الكويت أمثال الحويلة، تنوه بأنه يجب أن نفرق بين الذكاء العقلي والوجداني، فالأول خاص بالوظائف الفكرية من إدراك المفاهيم والقدرة على التحليل، أما الذكاء الوجداني فهو المستند إلى رهافة الحس، وتضيف أن ما يلاحظه علماء وباحثون الآن أن هذا النوع من الذكاء صار مطلوبا في العمل ومواقف الحياة بشكل عام.
وتشير إلى أن الشعار المتداول الآن أن الذكاء العقلي يُمكّنك من الحصول على الوظيفة أما الوجداني فهو الذي يجعلك ترتقي فيها نحو الأفضل، واصفة الذكاء الوجداني بأنه مفتاح جديد للنجاح في الحياة الاجتماعية والمهنية.
كذلك لم تكن العلاقة بين العاطفة والذكاء يوما متضادتين لكنها كما تقول الباحثة الحويلة أن العلماء بحثوا لفترة طويلة العلاقة بين العاطفة والذكاء فوجدوا أنهما متكاملان، متلاحمان.
وتضيف أنه: لو نظرنا إلى حكمة الفيلسوف سقراط «أعرف نفسك» سنجد أنها تمثل حجر الزاوية في الذكاء الوجداني على حد تعبير اختصاصية علم النفس، وتردف أيضا أن المقصود بذلك هو وعي الفرد بمشاعره حين حدوثها فقد تبدو مشاعر الفرد واضحة للوهلة الأولى ولكن إذا تم التأمل بشكل أكثر وعيا، فقد يظهر لديه أن مشاعره تكون واضحة في بعض الجوانب أو المواقف ولكنه لم يتنبه للجوانب الأخرى.

حجر الأساس
وتتحدث الحويلة عن مجالات أساسية للذكاء الوجداني ومنها أن يعرف كل إنسان عواطفه ويعيها ويدركها، أي الوعي بالنفس وهو يمثل حجر الأساس في الذكاء الوجداني، والأمر الآخر هو إدارة تلك العواطف والتحكم فيها أي التعامل مع المشاعر لتكون مشاعر ملائمة وتخرج في الوقت المناسب وبأسلوب مناسب وكذلك بالقدر المناسب.
وفي مداخلته القصيرة يقول فنان الكاريكاتير ياسر حسين إن التحكم في المشاعر قد يكون لدى بعض الأشخاص مسألة إرادية ولدى البعض الآخر أمرا يصعب ويحتاج إلى بعض الوقت والمران في كيفية التحكم والسيطرة على الانفعالات العاطفية سواء كانت هذه العواطف سلبية أم إيجابية.
ثم تواصل الباحثة حديثها موضحة أن مسألة تحفيز النفس والمقصود بها توجيه العواطف والمشاعر في خدمة هدف ما فهذا أمر مهم لانتباه النفس ودفعها للتفوق والإبداع، وتنتقل الحويلة إلى نقطة أخرى تتعلق بالتعرف على مشاعر الآخرين وعواطفهم أي التعاطف الوجداني والشعور بالآخرين ومحاولة مساعدة الآخرين وتفهم سلوكياتهم ومشاعرهم.

المهارات الاجتماعية
وعن آخر مجالات الذكاء الاجتماعي تقول الحويلة هو توجيه المهارات الاجتماعية أي أن فن العلاقة بين البشر هو في معظمه مهارة تطويع، وهو من القدرات التي تكمن وراء التمتع بالشعبية والقيادة والفاعلية في بناء العلاقات مع الآخرين ومن الطبيعي أن يختلف الناس في قدراتهم في هذا المجال.
دلال الوقيان طالبة جامعية تتفق مع هذه الناحية فهي ترى أن غالبية النساء يتمتعن بالذكاء الوجداني من الناحية الاجتماعية، وتضيف تجد الواحدة منا لديها صداقات متعددة وعلاقات اجتماعية في الداخل والخارج وربما تكون هذه الشخصية النسائية أكثر قدرة على خوض غمار الحياة الانتخابية في المرحلة المقبلة.
ولكن أيهما أكثر أهمية الذكاء الوجداني أم الذكاء العقلي، هنا تؤكد الحويلة، أن كليهما مهم وكل منها مكمل للآخر ولكن كما سبقت الإشارة إليه أن الذكاء العقلي من خلاله تحصل على وظيفة والذكاء الوجداني هو مفتاح النجاح بهذه الوظيفة.

العلاقات مع الآخرين
وتضيف أنه من وجهة نظرها أن الذكاء الوجداني أكثر أهمية لأنه أساس العلاقات مع الآخرين وتستطيع من خلالها أن تحدث تأثيرا بالآخرين كما أن الذكاء الوجداني يساعدك في تنمية مهاراتك الاجتماعية وتسخيرها وتطويعها، وفي الوقت نفسه لا يمكن التقليل من أهمية الذكاء العقلي بشكل عام فكل منهما مكمل للآخر.
ولكن كيف يمكننا الاستفادة من الذكاء الوجداني في مجالات الحياة المختلفة، تلفت اختصاصية علم النفس إلى أهمية أن يتعرف كل إنسان على نفسه ومن ثم يدرك حدود قدراته، لتستطيع أن تضع يدك على سلبياتك ومواطن ضعفك وتستغل إيجابياتك وتنطلق من مواطن قوتك وتحاول تنمية نواحي الضعف وتعدل من سلبياتك، كما أنه من خلال هذا الذكاء تستطيع إدارة انفعالاتك وعواطفك والتحكم فيها، وأن هذه الإحاطة والإدارة والسيطرة على انفعالاتك المختلفة وعواطفك، تزيدك ثقة بنفسك وتجعلك تتغلب على كبوات الحياة وتقلباتها وتغير منها بسرعة وتساعدك على التوافق النفسي والتأقلم مع المواقف المختلفة دون أي ضرر نفسي لك وللآخرين من حولك، كما أن الذكاء الوجداني يجعلك أكثر قدرة على تفهم الآخرين من حولك وتقبلهم بجميع تغيراتهم وانفعالاتهم وسلوكياتهم.
أنور مشعل مواطن في منتصف العمر يرى أنه يمتلك هذه الخصائص النفسية والتي تعرف بالعقل الوجداني، وذلك من خلال تعامله مع زملائه وأصدقائه وكذلك في التعامل مع فئة التجار حيث يعمل مشعل تاجرا فهو يملك عددا من المصبغات إلى جانب أن لديه توكيلا لأدوات التجميل.
المواطن أنور مشعل رغم صغر سنه استطاع أن يكون تاجرا ناجحا في فترة وجيزة وأن يمتلك دائرة من العلاقات أهلته لهذا النجاح، ولم يكن يعرف أن هذه الخصال المتوافرة في شخصيته نوعا آخر من العقل يطلق عليه علماء النفس العقل الوجداني فقد فوجئ بذلك لكن مفاجأتنا له كانت أكثر حافزا ومشجعا لمواصلة أعماله وأنشطته التجارية.

القدرة على التحكم
كما لم يخف وليد الهاجري، مواطن في أخريات العقد الثاني من العمر، حقيقة أنه لا يتمتع بهذه الخصال فهو كثير الانفعالات العصبية دون القدرة على التحكم فيها كما أن علاقاته مع الآخرين عادية ويرى أنه ليس فيها شيء من التميز، لكنه يوضح أن لديه أصدقاء يتمتعون بهذه الخصال في تعاملاتهم مع الآخرين وهم الأكثر نجاحا في حياتهم على حد قول الهاجري لأنهم أشخاص أقرب إلى القياديين السياسيين الذين يستطيعون أن يدخلوك النهر عطشانا ثم تخرج منه دون أن تهنأ بقطرة ماء تروي عطشك، هكذا يعلق المواطن الهاجري في حديثه لـ «أوان».
أما سالم النبهان، فلم يعلق طويلا لإيمانه بأن الحياة حظ وشطارة فهو لم يكن يعرف أن هذه الشطارة هي جزء من الذكاء الوجداني، عندها أدرك يقول «إذن أنا أمتلك عقلا آخر!» يبدو أن النبهان حتى الآن لم يعرف نفسه جيدا!
ويتابع حديثه : إن الذكاء الوجداني يمدك بالمهارات الحياتية الاجتماعية للتواصل والتعامل مع الآخرين ومن ثم تكوين علاقات جيدة ومتوازنة مع من حولك سواء كانوا من محيط عملك أو على المستوى العام أو المستوى الشخصي والأسري وأيضا يعطيك الذكاء الوجداني القدرة على أن تميز وتستجيب استجابة ملائمة للحالات النفسية والأمزجة والميول والرغبات الخاصة بالآخرين هكذا يؤكد اختصاصيو علم النفس والاجتماع.
هنا تزيد إنتاجية الفرد ويستطيع العمل بصورة إيجابية لعدم وجود ضغوط نفسية أو صراعات أو نزاعات في أجواء العمل.

الوهلة الأولى
هبه محمد مقيمة مصرية منذ الوهلة الأولى وحين تقع عيناك عليها تشعر أنها تملك ذكاءين، عقليا ووجدانيا لا يقاوم!، بفراستها بادرتنا بالسؤال قبل أن نسألها «أكيد صحافة؟!» لم يكن سؤالنا لها تقليديا فقد كان السؤال هل أنت ناجحة في حياتك؟ تجيب الحمد لله لكن لا تزال هناك آمال لم تتحقق، وأين ذكاؤك الوجداني من هذه الآمال؟ موجود لكن ليس كل ما يريده المرء يدركه. لماذا؟ فالحياة تحتاج إلى صبر ونضال وتعب.
في هذا الإطار واجهنا الطبيب إبراهيم علام بحقيقة أخرى مكملة لموضوعنا عن الذكاء الوجداني بقوله إن «الذكاء الوجداني وحده ليس كافيا كي يجعل الإنسان ناجحا! وإنما عامل الوقت وكيفية إدارته واستثماره هو الدينامو الحقيقي للنجاح». لم يطل بنا المقام مع الطبيب علام الذي ودعنا بقوله «الذكاء الوجداني ليس دائما يكون أمرا وراثيا وإنما يمكن اكتسابه بالاحتكاك والخبرة في التعامل مع الآخرين».
لا يؤمن
أحمد عبد الحكيم (مقيم خمسيني) لا يؤمن بالذكاء الوجداني ويرى أنها مسميات وفلسفات ليس لا معنى!، ويؤكد أن العامل الوراثي والتربية الاجتماعية المنفتحة أو المنغلقة هي الأساس في حياة كل إنسان، ويضيف أن الوالدين يستطيعان أن يشكلا من ابنهما الشخصية التي يراد أن تكون وإن لم يفلحا فتجارب الحياة خير معلم وأعظم مدرسة!

توليد الانفعالات
أستاذ علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتور عثمان الخضر مؤلف كتاب الذكاء الوجداني، يعرف الذكاء الوجداني «هو ذكاء يجمع بين الجانبين العقلي والانفعالي للفرد» هذا النوع من الذكاء يجمع بين فكرة أن الانفعال يجعل تفكيرنا أكثر ذكاء. ويوضح أن الذكاء الانفعالي مفهوم يشير إلى القدرة على إدراك الانفعالات بدقة وتقويمها والتعبير عنها والقدرة على توليد الانفعالات.
ويشرح أن للذكاء الوجداني مكونات عدة من بينها القدرة في التعرف على انفعالات الذات و هذا يعني القدرة على ملاحظة التقلبات المزاجية حتى الصغيرة منها، التي تحدث داخل الفرد ومن أمثلة ذلك أن تبالغ في الانفعال تجاه خطأ ارتكبه أحد موظفيك ولكن وعيك بنفسك ينبهك بأنك بالغت في تأنيب ذلك الموظف، وأن السبب وراء هذا الانفعال ليس هو ذلك الموظف وإنما السبب ما حدث من شجار مع زوجتك صباح ذلك اليوم!



مكون آخر
ويتحدث الدكتور الخضر عن مكون آخر من مكونات الذكاء الانفعالي وهو القدرة على معرفة ما يشعر به الآخرون، أي الوعي بمشاعر الآخرين ووصف هذا المكون بقوله إنه القدرة على رؤية ما يشعر به الطرف الآخر وحاجاته واهتماماته.
مؤكدا على أهمية هذا المكون بقوله أن إحدى الدراسات وجدت أن الأطباء الأكثر قدرة على معرفة انفعالات مرضاهم كانوا أكثر نجاحا في علاجهم قياسا بأقرانهم الأقل حساسية، ويروي أن الخارجية الأميركية طلبت من أحد المختصين النفسيين والإداريين وهو «ماكليلاند»، تحديد المهارات التي تميز الموظفين من أصحاب المهارة العالية والناجحين من الموظفين الآخرين، الذين يمثلون الولايات المتحدة في الخارج من سفراء وموظفين فكان رأي هذا المختص أن أهم ما يميز هؤلاء النجوم ليس درجة ذكائهم وفق ما تظهره اختبارات الذكاء ولا درجة التحصيل في مواد التاريخ والثقافة الأميركية واللغة الأخرى والاقتصاد وهي المعايير التي تم تعيينهم عليها، ولكن كان المهم هو مدى امتلاكهم القدرات الإنسانية وأهمها مدى قدرتهم على قراءة انفعالات الشخص المقابل.

العنصر المهم
ومن مكونات الذكاء الانفعالي الأخرى يقول أستاذ علم النفس، القدرة على استخدام انفعالاته بطريقة تسهم في التركيز على المهم في الموقف، مبينا أن هذا المكون يشير إلى أن الانفعال من الممكن أن يوجه التفكير بحيث ينصب في العنصر المهم في الموقف مع إهمال العناصر الأخرى غير المهمة فقلق الطالب على الامتحان مثلا يدفعه إلى تحجيم الأنشطة التي لا تصب في خانة الاستعداد للامتحان مثل مشاهدة التلفاز واللعب والزيارات العائلية.
موضحا أن إدارة الانفعال لا تعني كبت الانفعالات لأن ذلك يؤدي إلى نسيان تفاصيل الموقف المثير للانفعال ولكن ترشيده بصورة تساعد الفرد على التوافق السليم مع الموقف.
وعند سؤالنا عن إمكانية اكتساب الذكاء الوجداني يجيب الدكتور الخضر أن العديد من الدراسات تشير إلى أن الذكاء الوجداني قدرة ومهارة يمكن تنميتها واكتسابها مهما تقدم الفرد في العمر، ويشير إلى أن من ثمار هذا المفهوم أي الذكاء الوجداني، ظهرت برامج تنموية ودورات وورش عمل ومواد تربوية مدرسية. وينبه أن مهارات الذكاء الوجداني حتى يتشربها الفرد تحتاج إلى المزاولة والممارسة ما بين 3 إلى 6 أشهر لكي يظهر أثرها. ويبين أن الذكاء الوجداني عكس الذكاء العقلي يمكن أن يستمر بالنمو في جميع المراحل العمرية ولكن التدخل يكون أفضل في مرحلة الطفولة.

مواد دراسية
يشير الدكتور عثمان الخضر إلى أن الذكاء الوجداني يقدم في بعض المواد الدراسية في المدارس تحت مسميات عدة منها مهارات الحياة وعلم الذات، وهي مسميات تحاول إعطاء الفرد بعض المهارات المرتبطة بالذكاء الوجداني كحل الخلافات مع الآخرين. أما في المجال التنظيمي والمهني فيستخدم هذا المفهوم في برامج تطوير الذات وتنمية الدافعية وإدارة ضغوط والعمل وغيرها من مسميات البرامج التنموية.

محيط الأسرة
تقول الباحثة النفسية هيفاء الحويلة إن للذكاء الوجداني دوره في محيط الأسرة وقدرته على تفهم جميع الأفراد في محيط أسرته وتكوين علاقات جيدة معهم، وفي حال كان الفرد متوافقا مع أسرته وفي محيطه الاجتماعي والمهني ،فلا بد أن يتوافق مع جميع المتغيرات السريعة والمختلفة والمتلاحقة في محيط حياته وعلى كافة المستويات وقدرته على التعامل مع ما هو جيد في ظل العولمة وانفتاح المجتمعات على بعضها وتبادل الثقافات، خصوصا بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة فلا بد أن يوظف جميع قدراته المستمدة من الذكاء الوجداني وقدرته العقلية من الذكاء الفعلي لمجاراة ما يدور حوله من تقدم وتطور، وكي تعود الفائدة على الجميع، «الفرد والأسرة والمجتمع والوطن».

1 comment:

مشمش said...

غير هييييييييييييه انا الاولي مع اني كنت حاسة اني مش هلاقي حد برضة لان بصراحة ومن غير زعل مش كل الناس هتفهم الكلام الكبير دة انا فهمت بالعافية دة عايز كتاب عشان الواحد يقراة بالراحة ويركز فية لانة كلام مهم اوي اوي لدرجة ميتفعش تقراة بسرعة وتمشي
اما عن الزكاء الوجداني انا خبيرة فية بالفطرة بس مفتكرش فية عندي زكاء غيرة ربنا يخلوهولي تحياتي واحترامي ليك اوي كل يوم بعرف حضرتك اكتر بحترمك اكتر سلالالام