Wednesday, September 10, 2008

هضبة المقطم.. ونزاهة الحكومة المصرية

حكومتنا الرشيدة النظيفة


مصريون أحياء وأموات

الكرامة المصرية

دماء حية تحت الانقاض


لا عزاء لأمهات الغرقى


قبة مجلس الشورى مجدنا وفخرنا



جاء حادث الدويقة والذي راح ضحيته العشرات من القتلى والمصابين، وذلك بعد وقت قليل من حريق مجلس الشورى، ليدق ناقوس الخطر بشكل كبير حول مدى استمرارية الإهمال في قطاعات كثيرة من أجهزة الدولة والذي غالبًا ما يدفع ثمنه الأبرياء، وقد يكون ما سبق من أحداث أمرًا مقبولاً، إلا أنه من غير المقبول أن تزداد معدلات الإهمال في مصر يومًا بعد الآخر.. فعلى الرغم من أن كثيرًا من الخبراء تحدثوا عن أنه تم عمل العديد من الدراسات حول منطقة جبل المقطم وخطورة الإقامة فيها على حياة المواطنين، إلا أن أحدًا لم يستجب لذلك إلا بعد أن وقعت الكارثة، ومن ثم يبدو أن انهيار الكتل الصخرية في منطقة الدويقة أمس الأول سيكون بمثابة بداية لانفراط عقد الجبل كله، بعدما حذر خبراء مصريون من انهيار صخرة ثانية حجمها 25 في 30 مترًا بالمنطقة نفسها التي شهدت كارثة 6 سبتمبر، بسقوط إحدى الصخور التي أدت لمقتل 31 شخصًا، وهناك العشرات تحت الأنقاض، فيما أمر النائب ببدء التحقيق في الكارثة.
وقال الخبراء إن هناك صخرة ثانية بها تصدع كبير حجمها 25 في 30 مترًا، بدأت تنهار منها أجزاء بسيطة، مما يهدد أكثر من 60 منزلاً، بدأ سكانها في إخلائها، خاصة في ظل عدم وجود لوادر وأوناش لإزالة الأحجار وينتظرون قرار المحافظ لإدخال اللوادر.
وكان الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة قد أعلن قيام المحافظة بتوفير وحدة سكنية لكل أسرة من متضرري حادث الدويقة، وذلك في منطقة منشأة ناصر التي تضم مشروع بناء 10 آلاف وحدة سكنية تم تسليم عدد كبير منها، حوالي 6 آلاف وحدة، ويتبقى 4 آلاف وحدة سيتم الانتهاء منها قريبًا.
وأشار إلى أن المحافظة قررت صرف تعويضات للأسر المتضررة وفقًا لحالات الإصابة أو الوفاة، بالإضافة إلى تشكيل غرفة عمليات مركزية تعمل على مدار 24 ساعة برئاسة المهندس مختار الحملاوي نائب المحافظ للمنطقة الشرقية، وتضم مدير الإسكان ومديري مديريات التضامن الاجتماعي والشؤون الصحية ومدير الأمن وسكرتير عام المحافظ.
وأضاف وزير خلال تفقده لموقع الحادث على متابعته لعمليات الإنقاذ أولاً بأول، وتوفير وسائل الإنقاذ اللازمة من سيارات الإسعاف والإنقاذ المركزي والأوناش وذلك للاطمئنان على عمليات سرعة رفع الأنقاض وإنقاذ المصابين وإخلاء المنطقة خاصة المساكن المقامة على حافة الجبل، وحصر المتضررين من الانهيار تمهيدًا لتسكينهم.
ولكن وعلى الرغم من كل ما قيل يظل التساؤل مطروحًا: إلى متى يبقى هذا المسلسل مستمرًا؟!.. وهل أصبح من الضروري انتظار وقوع الكارثة حتى تتحرك الجهات المسؤولة؟!.
وفي هذا الإطار يذكر صبحي صالح –عضو مجلس الشعب عن جماعة الإخوان المسلمين- أن هذه الكارثة لن تكون الأخيرة، فقد اعتادت حكومة الدكتور أحمد نظيف على الكوارث والتي تكتفي مع كل واحدة منها بعمل لجان للبحث والتقصي تخرج بدورها ببيانات شجب وإدانة لا تسمن ولا تغن من جوع.
ويشير إلى أن انتشار ظاهرة العشوائيات يعود إلى تراجع هيبة المحليات وانتشار الفساد في العديد من مؤسسات الدولة، الأمر الذي أدى إلى ضعف عمليات مراقبة المخالفات ومحاولة إزالتها حتى وإن وجدت هذه الإزالة عادة ما تتسم بالبطء الشديد، لذلك فإن الضعف الإداري يعد سببًا رئيسًا في انتشار هذه الظاهرة السلبية، وفي كل الأحوال لم تكن العشوائيات مشكلة تؤرق الحكومة المصرية قبل البدء في سياسة الانفتاح التي أقرها الرئيس الراحل أنور السادات، حيث شهدت بعض المحافظات زحف مئات الآلاف من سكان جنوب مصر وشمالها إلى القاهرة بحثاً عن فرص للعمل وزيادة الدخل، لكن القاهرة التي كانت مكتفية بسكانها لم تكن لديها القدرة على استيعاب تلك الأعداد من المهاجرين القرويين، إضافة إلى أن سكان الريف حين زحفوا على العاصمة بدأت بعض المناطق المحيطة بالمدن في بناء مساكن تتسم بالضيق وصغر الحجم وعدم وجود دورات مياه، أو ربما تكون جدرانها من الصفيح والكارتون أو الصاج من مخلفات مصانع المدينة، أو أبواب المحلات القديمة، وقد تكون بالطوب اللبن ثم تتطور قليلاً ليبنى بعضها بالطوب الأحمر والأعمدة والأسقف الخرسانية التي تشترك في إقامتها بعض العمالة المهاجرة منذ فترة والذين عملوا مع بعض المقاولين.
ويدعو إلى ضرورة الإسراع في محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة قبل فوات الأوان، وقبل أن يتم نسيان الموضوع مثلما حدث مع حريق مجلس الشورى.
أما رجب هلال حميدة -عضو مجلس الشعب وسكرتير عام حزب الغد- فيرى أن إعادة صياغة السياسة التخطيطية لمحافظات مصر السبيل الأمثل للخروج من هذه الأزمة، حيث تغيب عن أعين المسؤولين النظرة المستقبلية في طرح الحلول والبدائل والتي تتفتت أمام الزيادة السكانية السنوية وغياب الوعي عن الشعب المصري في كيفية استخدام ثقافة التوسع الأفقي وليس الرأسي، خاصة أن الإنسان المصري ارتبط على مر العقود بالتواجد حول الشريط الأخضر للنيل، ويأتي في مقدمة الأولويات ضرورة السير وفق الظروف الاقتصادية والتي تمثل أحد عناصر الخروج من المأزق.
ويوضح أن المجتمع المصري بما تعاقب عليه من حكومات خلال العشرين عامًا الأخيرة اعتاد التعامل مع الأزمات والكوارث التي تحدث بمنطق التهويل في بادئ الأمر، إلى أن يتم نسيانه بشكل تدريجي، وهي السياسة التي تم اتباعها مع كل المشكلات، وللأسف أثبتت نجاحًا في كثير من الأحيان.
من جهة أخرى يرى د.عبدالمنعم الأعصر -عضو لجنة الإسكان بمجلس الشورى ورئيس حزب الخضر المصري- أن الحكومات المصرية السبب الأول في ظهور ما يعرف بجمهورية مصر العشوائية، كما أن وسائل علاج الظاهرة هي في الأساس أحد أسباب التوقف عند نقطة الصفر، وذلك عندما تقوم الدولة باتباع وسائل تبدو في ظاهرها إيجابية إلا أن باطنها سلبي، فتعويض الأهالي عن ترحيلهم من هذه المناطق لابد أن يصاحبه إيجاد فرص عمل في المناطق خارج العشوائيات حتى نخلخلها ونعيد صياغتها من جديد،‏ وهنا تبدو أهمية وجود مراكز للتأهيل والتدريب، لتدريب سكان تلك المناطق على الحياة الحضارية لمدة لا تقل عن ستة أشهر، لأن سكان العشوائيات يحتاجون إلى إعادة تأهيل حضاري ‏واجتماعي وسلوكي، ولقد طبقت هذه التجربة في المغرب ونجحت بشكل كبير.

No comments: