Sunday, May 16, 2010

امراء الكويت في لبنان

قصر الأمير في لبنان "يحنّ" لأيام العزّ ويتطلّع إلى "نفض" الغبار عنه
قصر الشيخ مبارك الصباح

قصر الشيخ علي الصباح

قصر الأمير الراحل الشيخ سالم الصباح في عالية


نقلاً عن جريدة الراي الكويتية
بيروت - من هلا داغر

... مسكوناً بالحنين، يستعيد شريط ذكريات من دفتر الماضي «الذهبي» للبنان والحضور الكويتي فيه.
هكذا بدا «مثلث العزّ» في صوفر وبحمدون وعاليه عشية وصول سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الى لبنان بعد غد الثلاثاء في زيارة تشكل «جسر عبور» بين الأمس واليوم.
«عاصمة الكويتيين» في الجبل، كانت امس عيناً على «الحبايب» الذين تستعدّ لاستقبالهم كما في كل صيف، وعيناً أخرى على «أمير الضيوف» الذي سيحلّ في ربوع لبنان ليومين في «مسك ختام» جولته العربية.
«الراي» عاينت «ديوانية» الكويتيين الجبلية، اي صوفر وبحمدون وعاليه، مع تحضّر بيروت لاستقبال سمو الأمير، وقصدت بيوته التي تشهد على العلاقة «الحميمة» التي ربطته بتلك المنطقة لا سيما رويسات صوفر وعاليه.
في هذه المناطق كانت لأمراء الكويت وشيوخها ومواطنيها قبل اندلاع الحرب اللبنانية العام 1975 قصور وفيلات وبيوت وفنادق ومحال تجارية. بعضها جرى ترميمه والبعض الآخر ما زال ينتظر ان يبلسم «جراحه»، رغم مرور اعوام على وضع الحرب أوزارها، وعلى عودة عجلة الحياة إلى طبيعتها.
في رويسات صوفر، وعلى تلة جميلة تطلّ على بيروت، يربض قصر سمو الأمير الذي بني في الستينات حين كان وزيراً للخارجية، وكان لا يترك صيفاً إلا ويمضيه فيه مع عائلته. في تلك الأيام، كان لبنان في أوج عمرانه ونهضته وازدهاره. وكانت مناطق اصطيافه مركز استقطاب للكويتيين الذين كان لهم دور في هذه الحركة العمرانية، فبنوا القصور والمنازل والفنادق وساهموا في تحريك العجلة الاقتصادية.
وحين اندلعت الحرب، غادر سمو الأمير قصره بسبب الظروف. يومها، اصابت القذائف جدرانه وألحقت به الأضرار، وفقد حرارة أهله لسنوات طويلة.
لا يزال القصر قائماً على أرض تبلغ مساحتها 36 ألف متر مربع هي اليوم متروكة ومسيّجة بشريط من الاشواك ينتظر من يزيله ويعيد إلى الدار روحها وحياتها. وقد علمت «الراي» من الرئيس السابق لبلدية مجدل بعنا نبيل عبد الخالق أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان قد أخذ على عاتقه ترميم القصر، إلا أن اغتياله ادى الى طي المشروع.
وأفاد عبد الخالق أن مسؤولين زاروا موقع القصر اخيراً بتكليف من سمو الامير وجرى الحديث عن مشروع يرمي إلى هدم القصر الذي لم يعد صالحاً للسكن، وبناء 18 فيلا على أرضه. وفي رأيه انها «خطوة ممتازة» لأنها تعيد الحياة إلى هذه الأملاك وربما تجعل أمير الكويت يتخذ من لبنان مصيفاً على غرار الأيّام الخوالي.
وفي مكان آخر في عاليه، بناء للأمير الراحل سالم الصباح ألحقت به الحرب أضراراً بالغة. انه منزل مبني من الحجر، لكنه اليوم مهجور نبتت الأعشاب في أرجائه. وفي أماكن أخرى في هذه البلدة، وفي صوفر ورويسات صوفر، قصور لشيوخ كويتيين لم يوفرها الدمار وما زالت تنتظر من يزيل عنها الرماد والغبار ويبعث فيها الحياة.
من هذه القصور قصران للشقيقين الشيخ مبارك الصباح والشيخ علي الصباح يقومان على تلة جميلة في رويسات مجدل بعنا تشرف على بحمدون وعاليه.
السيدة كمال عبد الخالق زوجة الراحل توفيق فارس عبد الخالق شهدت الأيام الجميلة ما قبل الحرب حين كان زوجها حارساً لقصر الشيخ مبارك الصباح، ما زالت تعيش وابنتها في منزل صغير بجانب هذين القصرين تكمل المهمة التي كان زوجها يؤديها. وتقول: «في الستينات، على ما أذكر، بنى الشقيقان مبارك وعلي الصباح هذين القصرين اللذين تحوط بهما أراض شاسعة. في تلك المرحلة، لم يكن أحد قد شيد أبنية وقصوراً في هذا المكان. كانا وأفراد عائلتيهما لا يتركون صيفاً إلا ويمضونه هنا. كانوا يقيمون السهرات وحفلات العشاء الكبيرة وكان القصران مفعمين بالحياة. الحرب اللئيمة جعلتهما مهجورين بعدما تضررا كثيراً بسبب القذائف التي اصابتهما، وانقطعت زيارات مالكيهما باستثناء اطلالات تفقدية سريعة كان ابناء الشيخ مبارك يقومون بها على قصر والدهم الذي، كما علمت، توفي قبل 15 عاماً. أما والدتهم الشيخة منيرة الصباح، فلم أرها منذ ثمانية اعوام بعدما كانت هي بدورها تتفقد القصر. لا بد أنها أصبحت عجوزاً مثلي».
«ضيعة الكويتيين»
من رويسات مجدل بعنا، أكملنا جولتنا إلى بحمدون «ضيعة الكويتيين» كما يسميها ابناؤها. إلى ايام العز عادت، وفي كل صيف تنتظر مجيء «أهلها الخليجيين عموماً، والكويتيين خصوصاً» كما يقول رئيس بلديتها أسطا أبو رجيلي. فالصيف في رأيه هو «الموسم بامتياز، لأن البلدة تتحول فيه خلية نحل لا تهدأ ليل نهار في وجود إخوتنا العرب». ويؤكد ان «الكويتيين لم يتأخروا في ترميم قصورهم التي تضررت خلال الحرب وباتوا يأتون في كل صيف لتمضية عطلاتهم فيها».
«بحمدون كانت ولا تزال قبلة الخليجيين ومحجتهم. وتستعد اليوم للموسم بكل ما أوتيت من طاقة»، على قول أبو رجيلي الذي يتدارك أن «الفنادق التي كانت تنشط فيها قبل الحرب ما زال معظمها مغلقاً من دون ان يتم ترميمه. ومنها فندق «امباسادور» الذي اكتسب شهرة كبيرة قبل اندلاع حرب العام 1975».
ويتابع: «كان فندق سان جورج في بيروت في المرتبة الأولى، وكان «امباسادور» في المرتبة نفسها في مناطق الاصطياف خصوصاً في بحمدون. في العام 1948 كان على من يريد حضور حفلة في هذا الفندق أن يرتدي بزة رسمية وفستان سهرة طويلاً، بمعنى أنه كان على قدر كبير من الرقي، وكان الفنانون الكبار أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب يرتادونه. والمؤسف ان ملاكه الكويتيين لم يتخذوا بعد قراراً بترميمه».
ويتباهى أبو رجيلي بأن كل شخص يفد إلى لبنان لا سيما من دول الخليج، لا بد من أن يقصد بحمدون وعاليه وصوفر، ويقول: «الحضور الى لبنان من دون زيارة بحمدون غير مقبول. وما يدفع الكويتيين إلى المجيء إلى بحمدون أسباب عدة، أولها سوقها المميزة والفريدة، وثانيها الجو العائلي بامتياز في ظل ما يمر به العالم من مشاكل اجتماعية وأخلاقية، وثالثها عين البلدية الساهرة على أمن هذه العائلات وسلامتها، والمحافظة على الجو البيئي النظيف الملائم لها، فضلاً عن موقع بحمدون الجغرافي القريب من بيروت ومناخها الجميل». ويضيف أن بحمدون «هي ديوانية الكويتيين ذلك أن من يصطاف من هؤلاء في القرى المجاورة يقصدها ليلياً لأنها تتضمن كل مستلزمات التسلية والترفيه لكل الأعمار».
ويسجل أبو رجيلي من جهة أخرى عتباً على الكويتيين ويقول: «هؤلاء يملكون 60 في المئة من المحال التجارية في بحمدون، لكن معظمها مهمل ومغلق وغير مستثمر. وهذا يعوق الحركة التجارية في البلدة خصوصاً في موسم الصيف. كلامي هذا هو من باب غيرتي على بحمدون وشكري للمستثمرين الذي ضحوا بمالهم من أجل ترميم فنادقهم ومؤسساتهم لأنهم يحبون بلدنا. من هنا عتبي على الذين ما زالوا غير مبالين بترميم فنادقهم التي ما زالت مغلقة منذ 20 سنة. ففي حال عملوا على ترميمها ستوفر عدداً كبيراً من الغرف التي تلبي الطلب الكثيف الذي نشهده في كل موسم اصطياف. من هنا، لا يمكن انتظار 20 سنة أخرى لتصحيح أوضاع هذه الفنادق، لأننا في أمس الحاجة إلى غرفها وإلى المحال التجارية».
من هذه الفنادق التي يملكها الكويتيون ولا تزال مغلقة وغير مرممة «لا مارتين» لآل العنجري و«امباسادور» لآل الصباح و«فندق الساحة» لآل المساعيد، وأخرى. في المقابل، كان الشيخ ناصر الخرافي سباقاً الى ترميم فندق «فور بوينتس»، ومثله فندق «السفير».
يتمنى رئيس البلدية أن يولي أصحاب هذه الأملاك اهتماماً بترميمها «من أجل تصحيح الوضع السياحي وكي لا تبقى عشرون سنة أخرى في حال إهمال»، ويضيف «ندرك أن المستثمر الكويتي في بحمدون يريد أن ينهض بهذه المنطقة، وندرك أنه شريك لنا في نهضتها. لذا، نريده أن يكون شريكاً ناجحاً على غرار كثيرين ممن رمموا بيوتهم وقصورهم ومحالهم وفنادقهم. من هنا، نتمنى على الإخوة الكويتيين الذين يريدون الاستثمار في بلدتنا أن يكونوا منها ولها، ويعملوا على إنهاضها من أجل مصلحتنا ومصلحتهم».
ولمناسبة زيارة سمو الامير صباح الأحمد أبدى أبو رجيلي «كل الترحيب به في بلده الثاني لبنان»، وقال «أتمنى أن يزور بحمدون التي هي بمثابة «الكويت الصيفية» كما يسميها إخواننا الكويتيون. فنحن نعرف مدى محبته لهذه المنطقة وغيرته عليها. ونعرف أنه يحض دائماً مواطنيه على الاصطياف في ربوع لبنان. وأينما حلّوا، انهم ضيوفنا، لا بل انهم في بلدهم. خلال أغسطس يبدأ شهر رمضان المبارك، وندعوهم إلى تمضيته في لبنان، وبحمدون خصوصاً، لأننا أهلهم وهم أهلنا. نتمنى أن نتشارك وإياهم هذا الشهر الفضيل فنصوم معاً ونفطر معاً ونعيّد معاً. ونحن كبلدية سنقوم بكل ما يلزم لتوفير التسهيلات والسهر على راحتهم من أجل أن يكون رمضان شهراً مباركاً ومميزاً في بحمدون بالذات. نتمنى لسمو الأمير زيارة ناجحة للبنان وندعو له بطول العمر. وإذا كنا نتبادل هذه المحبة مع أهلنا الكويتيين، فلأن في الكويت جالية لبنانية كبيرة تلقى أفضل الرعاية والتقديمات والمعاملة. وما نقوم به هنا من أجل إخواننا الكويتيين ليس إلا نزراً يسيراً مما تقوم به دولة الكويت حيال أهلنا اللبنانيين فيها».

No comments: